متى تصبح قضية الأسرى على سلم الأولويات الفلسطينية
يصادف
اليوم السابع عشر من شهر نيسان يوم الاسير الفلسطيني وفي هذا الصدد ننشر
لكم مقالة كتبها فؤاد الخفش، الباحث المتخصص في شؤون الاسرى الفلسطينيين
الذي يقول في مقالته:
يحي أبناء الشعب الفلسطيني اليوم السابع عشر
من شهر نيسان كما من كل عام، ذكرى يوم الأسير الفلسطيني، ولكن بتقديري
الشخصي أن الكثير من أبناء هذا الشعب العظيم لا يعلم سبب اختيار هذا اليوم
بالذات، هو اليوم الذي أطلق فيه سراح أول أسير فلسطيني بتاريخ 17/4/1974
وهو الأسير محمود بكر حجازي في أول عملية تبادل للأسرى مع الجانب
الإسرائيلي، بمعنى أخر هو يوم انتصرت فيه المقاومة وتم إذلال إسرائيل، هو
يوم استطاع المفاوض الفلسطيني الذي كان يملك جنودا ان يفرض شروطه على
المحتل الغاصب.
حقا أن الأسرى الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال
لا يحتاجون منا إلى اهتمام موسمي وجزئي مربوط بزمن أو فتره أو تاريخ،
الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي لا يحتاجون فقط ليوم نرفع فيه صورهم،
أو ساعات نغني لهم بها أغاني المجد والحرية، أو احتفال نطالب فيه العالم
بالوقوف مع قضيتهم العادلة.
عذابهم ليس موسمياً وجرحهم النازف ليس وليد ساعة أو يوم، وصور معاناتهم وأنينهم ولهيب قيدهم لا تستوعبه نظرة منقوصة عابرة.
الأسرى
هم الشهداء .. هم المعذبون في غياهب السجون وتحت سياط جلاد لا يرحم، هم
الجرح النازف في خاصرة الوطن، هم الكبد الملتهب لوعة وحنينا واشتياق،
أسرانا شهداء مع التنفيذ يموتون كل ساعة ببطء، يحترقون كالشمع، تبلى
أعضاؤهم العضو وراء العضو، كانوا كالبراكين الملتهبة حمما ونار، لكنهم
الآن يخمدون الواحد تلو الآخر.
الشهداء والأسرى قيم جهادية عظيمة،
وصور نضالية رائعة، لا يعرف قيمتهم إلا من عاش القيد واكتوى بنار السجن،
الأسرى صور أضحت مغروسة في الوجدان ومحفورة بذاكرة الشعب الفلسطيني، الذي
لم يصل حتى اللحظة لمرحلة الإحساس بمدى المهم، وعمق معاناتهم، لا نستطيع
عبر مقال إعلامي أن نصور أو نوجز أو نلخص، أنهم بحاجه لنا وبحاجة لوقفتنا
معهم فأين نحن منهم.
أضحت قضية الأسرى الموسمية قضية أرقام جوفاء
لا تعني الكثير، وكما هو السجان الذي حول الأسرى إلى رقم من دون اسم أو
روح، أصبحنا نحن من قصد أو من دون قصد نحولهم لأرقام أكثر من عشر آلاف
أسير، 128 أسيره ماجدة، 345 طفل دون الثامنة عشر، ما هي إلا أرقام لا تحرك
ساكنا ولا تفعل ا ي شيء، ناهيكم عن أنها غير دقيقه ولا مبنية على قواعد
بيانية أو إحصائية علمية.
إن جرح الأسري الفلسطينيين لم يرقَ في
يوم من الأيام ولا في ظل أي حكومة من الحكومات إلى المستوى المطلوب،
والخطاب السياسي الفلسطيني لم يوظفها ولم يتناولها بشكل صحي و ممنهج، ومع
كل هذا وذلك نعيب على الإسرائيليين والعالم أيضا اهتمامهم بقضية جنديهم
المأسور، نعيب على وزراء خارجية العالم تدخلهم من اجل شاليط، ومطالبتهم
لنا نحن الفلسطينيين المحافظة على حياته والإفراج عنه.
من حق
إسرائيل أن تفعل قضية جنديها كما تشاء بل على العكس من ذلك، و أتمنى أن لا
افهم خطا، فقد نجحت إسرائيل بجعل قضية جنديها المختطف قضية ساعة وقضية رأي
عام عالمي ومحط تعاطف العالم معها، في حين فشلنا نحن الفلسطينيين بنشر
قضية 11000 أسير وأسيرة يموتون بحق وحقيقة في زنازين لم تعد في يوم من
الأيام لبشر بل هي إسطبلات خيل موجودة من زمن البريطانيين.
وهنا
أقول ما المانع أن يصحب الرئيس الفلسطيني ملفا يكون جاهزا عن معاناة هؤلاء
المنسيين بالإضافة إلى أم أسير أو ابن أسير لم ير والده في كل جولة من
جولاته. وما المانع أن يذكر دولة رئيس الوزراء في كل لقاء ومحفل واجتماع
قضية هؤلاء المنسيين والمحاصرين في زنازين الموت البطيء. ما المانع أن
يحول التلفزيون الفلسطيني الرسمي شعاره من قبة الصخرة ليضع بدل منه صورة
الأسرى ومن الأهم لدينا الأسرى أم الاسرى؟
حملات الاعتقال تزداد كل
يوم والممارسات البشعة ضد الأسرى تزداد في كل ساعة والمرضى بانتظار موتهم
داخل السجون والمعتقلات، ومع كل هذا الخطاب السياسي الرسمي لم يرق لما هو
مطلوب.
وارى انه من العار علينا نحن كفلسطينيين أن تتحول قضية
الأسرى في سجون الاحتلال إلى قضية تفاوضية لفرض تنازلات سياسية على
الفلسطينيين، ولا أريد هنا أن أتطرق إلى الاتفاقيات الدولية ولا إلى
مفوضات السلام التي لم تنصف الأسرى، لأنه ومن وجهة نظري الجميع قصر ومقصر
مع قضية الأسرى، الفصائل والقوى والتنظيمات وأهالي الأسرى والقيادة
الفلسطينية ،الكل لم يرق لحجم المعاناة التي يعانيها هؤلاء المنسيون.
وفي
الختام أقول متى ستصبح قضية الأسرى من أولى أولوياتنا كما هو المسرى بل و
أكثر، ومتى ستصبح قضية الأسرى على سلم أولويات القيادة الفلسطينية.......
منقوووووووووووووووووووول